من يربي أطفالنا: نحن أم الشاشة؟ جلسة تفاعلية تكشف أسرار “التربية الرقمية”

في زمن يختلط فيه الترفيه بالتربية، ويقترب فيه الطفل من الشاشة أكثر من حضن والديه، جاء سؤال جلسة “تربية الأطفال في العصر الرقمي” التي نظمتها صحيفة سبق بالشراكة مع مركز سرد الثقافي ونتفليكس: من يجلس مع الطفل حين يُشاهد؟
جلسة فريدة من نوعها، جمعت خبراء التربية والاجتماع في نقاش صريح، لم يكن عن المحتوى فقط، بل عن الوعي، والحضور، والمشاركة، في محاولة لإعادة تعريف التربية في زمن تتغير فيه الوسائط والأدوات.
التربية لم تعد خطابًا… بل مشاركة وجدانية
الحديث في الجلسة لم يكن تنظيريًا، بل نابضًا بالتجربة الشخصية، حيث اتفقت المشاركات والمشاركون على أن المشاهد تُربّي، والقصص تُشكّل الوعي، وما يشاهده الطفل ليس لحظة فراغ، بل لحظة تشكيل وجداني ومعرفي.
- فتاة تأثرت باختياراتها بسبب مسلسل كوري.
- أم وجدت مدخلًا تربويًا من خلال فيلم وثائقي.
- طفل تعلّم الحوار من نقاش بسيط حول مشهد.
كل هذه الشهادات أكدت أن الوجود مع الطفل أثناء المشاهدة قد يحوّل الشاشة من وسيلة استهلاك إلى فرصة تربوية.
هل تغيرت الوسائل… دون أن نتغير؟
أثار النقاش تساؤلات عميقة: هل منحنا أطفالنا حق الاختيار الواعي؟ هل نسألهم لماذا يشاهدون؟ هل نرافقهم في اختياراتهم، أم نحاكمها من بعيد؟
الوعي الرقمي التربوي، كما أجمع المشاركون، لا يعني التقييد، بل المرافقة الحرة الواعية. فالطفل الذي يُحاور منذ صغره لن يُخفي خياراته حين يكبر، والاختلاف لا يتحول إلى صدام قيمي إلا حين يغيب الحوار.
نتفليكس: استماع لا تلقين
في سابقة فريدة، لم تحضر نتفليكس كمنصة تُقيّم أو تُنتقد، بل كشريك يُصغي، ويشارك، ويستعد للتفاعل مع تطلعات الأسر السعودية. النقاشات لم تركز على محتوى بعينه، بل على أهمية أن تكون المنصات الرقمية مستعدة لفهم ثقافاتنا ومرافقة قيمنا، لا فرض محتوى لا يعكسها.
المنصة التي نريدها: مشاركة لا إملاء
من أبرز ما قيل في الجلسة:
- “نريد منصة تُشرك الطفل في صناعة القصة، لا تُمليها عليه.”
- “نحتاج أدوات للخيال، للتفكير النقدي، للمسؤولية.”
- “الترفيه لا يجب أن يغيب الوعي، بل يُشكّله.”
هذا ليس ترفًا، بل مطلبًا تربويًا جوهريًا في زمن تتشكّل فيه العقول عبر الشاشة، وتُبنى فيه القيم من مشهد عابر أو قصة متقنة.
رسالة الجلسة: دعونا نُشاهد معهم… لا نراقبهم فقط
ختمت الجلسة برسالة واضحة: أن التربية في العصر الرقمي لم تعد مجرد توجيه، بل حكاية نعيشها معهم. أن نجلس بجانبهم، لا خلفهم. أن نشاركهم في مشاهدهم، لا نحاسبهم عليها فقط. أن نعيد تعريف التربية لا كواجب، بل كشراكة عاطفية وفكرية تبدأ من البيت… وليس من المنصة.