منوعات

اكتشاف مذهل: الدماغ يستخدم “قواعد متعددة” للتعلم وتخزين الذكريات

في كشف علمي مثير، توصل باحثون إلى أن الدماغ لا يعتمد على قاعدة واحدة للتعلم كما كان يعتقد سابقًا، بل يستخدم مجموعات مختلفة من القواعد لتقوية أو إضعاف الروابط العصبية أثناء تكوين الذكريات وتعلم المهارات الجديدة. هذه النتائج، التي نشرت في مجلة Science، تمثل نقلة نوعية في فهم كيفية عمل الدماغ.


كيف يتعلم الدماغ؟

يتكوّن دماغ الإنسان من مليارات الخلايا العصبية التي تنقل المعلومات عبر نبضات كهربائية تمر من خلال المشابك العصبية. لكل خلية عصبية امتدادات تُعرف بالتغصنات، تستقبل عبرها آلاف الإشارات، والتي تُدمج بدورها داخل الخلية لإنتاج نبضات كهربائية جديدة.


النشاط الجماعي لهذه النبضات هو ما يشكل الذاكرة والمعلومات والتجارب.


ماذا كانت مشكلة العلماء؟

طوال عقود، اعتقد العلماء أن التعلم يحدث فقط عن طريق تغيير قوة الوصلات بين الخلايا العصبية، عبر تقوية بعضها وإضعاف البعض الآخر. لكن كانت القاعدة الدقيقة التي يستخدمها الدماغ لاختيار الروابط المشبكية للتعديل أثناء التعلم غير معروفة بشكل واضح.


تجربة مثيرة: تعلم الفئران يكشف الأسرار

في محاولة لفك هذا الغموض، أجرى الباحثون تجربة مبتكرة حيث زرعوا مستشعرات حيوية داخل أدمغة الفئران، بحيث تضيء الخلايا العصبية أثناء النشاط. طُلب من الفئران تنفيذ مهمة محددة تتضمن الاستجابة لإشارة صوتية والضغط على رافعة للحصول على الماء، فيما كان الباحثون يراقبون نشاط الدماغ لحظة بلحظة.


مفاجأة أثناء المراقبة: قواعد تعلم مختلفة

خلافًا لما كان متوقعًا، اكتشف الباحثون أن المشابك العصبية المختلفة على نفس الخلية العصبية اتبعت قواعد متنوعة:

  • بعض المشابك اتبعت القاعدة التقليدية التي تعزز الروابط عند إطلاق الإشارات بشكل متزامن.
  • مشابك أخرى عملت بطريقة مستقلة، معززةً أو مضعفة الروابط بناءً على معايير أخرى.

نتائج الدراسة: الدماغ يعمل بنظام أكثر تعقيدًا

تشير النتائج إلى أن الدماغ يستخدم مجموعتين مختلفتين من قواعد التعلم في آنٍ واحد، مما يسمح له بأداء مهام متعددة ومعالجة أنواع مختلفة من المعلومات بدقة عالية. هذه الاستراتيجية تمنح الخلايا العصبية مرونة غير مسبوقة في التكيف مع المهام المختلفة في اللحظة ذاتها.


تطبيقات واعدة في الطب والذكاء الاصطناعي

هذا الاكتشاف قد يفتح الطريق أمام فهم أعمق لكيفية تطور اضطرابات الدماغ مثل الاكتئاب والأمراض التنكسية، التي تنشأ نتيجة خلل في تواصل المشابك العصبية. كما يمكن أن يساعد هذا الفهم في تصميم علاجات جديدة وأكثر فعالية.


كذلك، يمكن أن يؤدي إلى تطوير نماذج ذكاء اصطناعي تحاكي آليات التعلم الطبيعية للدماغ بشكل أفضل وأكثر كفاءة.


الطريق لا يزال طويلاً.. ولكن الأمل موجود

رغم هذا التقدم الكبير، لا يزال هناك الكثير مما يجب فهمه حول لماذا تستخدم التغصنات العصبية قواعد تعلم مختلفة، وما الفوائد الأخرى التي توفرها هذه الآلية. يأمل العلماء أن تُجيب الأبحاث المستقبلية عن هذه الأسئلة المهمة، مما يوسع آفاقنا في علوم الدماغ والأعصاب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى