“اكتئاب ما بعد التخرج”.. أزمة صامتة تهدد شباب اليوم بعد لحظات المجد والسيلفي

لا شيء يضاهي فرحة التخرج، من تصفيق واحتفالات وصور تملأ المنصات الاجتماعية، إلى لحظة ارتداء العباءة أو البشت، والقلوب المفعمة بالأمل. ولكن، بعد أسابيع قليلة، يبدأ الضجيج بالهدوء، وتذبل الورود، وتتوارى التهاني، لتُطرح الأسئلة الكبرى: ماذا بعد؟
هذا السؤال يقود كثيرًا من الخريجين إلى حالة نفسية غير مُعلنة، لكنها شائعة، تُعرف بـ**”اكتئاب ما بعد التخرج”**، وهي ما سلط عليها الضوء البروفيسور واستشاري العلاج النفسي والأسري الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز المناحي، واصفًا إياها بـ”الاضطراب التكيفي”.
ما هو اكتئاب ما بعد التخرج؟
بحسب المناحي، لا يُصنف هذا الاكتئاب كتشخيص مستقل في دليل DSM-5، لكنه يشبه اضطرابات التكيف الناتجة عن الانتقال المفاجئ من حياة جامعية منظمة إلى واقع غير مستقر، كالبحث عن وظيفة أو الانتقال إلى مرحلة مهنية غامضة.
40% من الخريجين يتأثرون نفسيًا بعد التخرج
تشير دراسة من جامعة كوينزلاند (Stewart, 2019) إلى أن نحو 40% من الخريجين الجدد يعانون أعراضًا اكتئابية مؤقتة خلال الستة أشهر الأولى بعد التخرج. الأعراض تشمل الحزن، فقدان الحافز، اضطرابات النوم أو الشهية، القلق من المستقبل، وحتى الانسحاب الاجتماعي.
الضغط المجتمعي وتضخيم التوقعات
يؤكد المناحي أن أحد أكبر مسببات هذه الحالة هو الضغط الناتج عن التوقعات العالية، سواء من النفس أو من المحيط، والرغبة في تحقيق “نجاح سريع” قد لا يكون واقعيًا. ويضيف: “الكثير من الخريجين يرفضون البدء من الصفر، متناسين أن البدايات البسيطة تصنع التحولات الكبيرة”.
كيف تتجاوز “اكتئاب التخرج”؟
يشدد المتخصصون على أن هذه الحالة ليست دائمة، بل يمكن تجاوزها باتباع عدد من الخطوات الواقعية:
- لا تنتظر الفرصة المثالية، بل ابدأ بخطوة بسيطة
- اكتب سيرتك الذاتية الآن، ودرّب نفسك على المقابلات
- شارك في المبادرات التطوعية لتطوير ذاتك
- لا ترفض وظيفة شريفة لأنها لا تتوافق مع تخصصك
الخطوة الصغيرة تصنع الفرق
ويختتم الدكتور المناحي رسالته قائلًا: “ما كُتب لك لن يخطئك، والله لا يضيع تعبك ولا أحلامك. ابدأ من حيث أنت، لا من حيث تحلم فقط. فكل خطوة صغيرة تُحدث فرقًا كبيرًا، ويجعل الله فيها البركة.”