مجزرة مساعدات في غزة: فوضى التوزيع تُفاقم المأساة والضحايا في ازدياد

في مشهد مأساوي يتكرر، يُضاف فصل جديد إلى سلسلة المعاناة في قطاع غزة، حيث قُتل فلسطيني وأُصيب العشرات خلال توزيع مساعدات إنسانية قرب رفح، وسط تضارب في الروايات بين المنظمات الإنسانية والجيش الإسرائيلي، ما يُسلّط الضوء من جديد على تعقيدات الصراع وتبعاته الإنسانية الكارثية.
إطلاق نار خلال توزيع المساعدات: من المسؤول؟
أفادت وزارة الصحة في غزة بسقوط ضحية فلسطينية واحدة على الأقل وإصابة 48 آخرين جراء إطلاق نار إسرائيلي على حشد تجمع حول نقطة جديدة لتوزيع المساعدات.
هذه النقطة أنشأتها مؤسسة إنسانية مدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، في محاولة للتخفيف من حدة المجاعة في القطاع، لكنها تحوّلت سريعًا إلى ساحة اشتباكات دامية.
وبحسب مراسلي وكالة أسوشييتد برس، سُمعت أصوات إطلاق نار كثيف من دبابات إسرائيلية، بالإضافة إلى تحليق مروحية عسكرية أطلقت قنابل مضيئة، ما زاد من حالة الذعر والارتباك بين المواطنين.
مؤسسة “غزة الإنسانية” ترد وإسرائيل تنفي
في المقابل، نفت مؤسسة غزة الإنسانية أن يكون عناصرها قد أطلقوا النار، مشيرة إلى أنهم تراجعوا قبل استئناف عمليات المساعدة. بينما ذكرت السلطات الإسرائيلية أن قواتها أطلقت طلقات تحذيرية فقط، دون استهداف مباشر.
التضارب بين الروايتين يعمّق من الضبابية حول حقيقة ما جرى، في حين تتزايد الدعوات لتحقيق مستقل للكشف عن ملابسات الحادث ومحاسبة المسؤولين.
غزة على حافة المجاعة: أزمة إنسانية تتفاقم
مع استمرار إغلاق المعابر الحدودية منذ أكثر من ثلاثة أشهر، تزداد معاناة سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وسط تحذيرات أممية من قرب وقوع كارثة إنسانية شاملة.
وترى الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة دولية أن النظام الجديد لتوزيع المساعدات لا يكفي، بل ويُستخدم كأداة للضغط السياسي والسكاني، مما قد يرقى إلى استخدام الغذاء كسلاح ضد المدنيين.
وقال أجيث سنغاي، رئيس مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية:
“النظام الجديد يُعرّض المدنيين للموت والإصابة، ويُخالف المبادئ الإنسانية الأساسية”.
مراكز توزيع تُشبه القواعد العسكرية
أُقيمت أربعة مراكز توزيع تابعة لمؤسسة غزة الإنسانية، اثنان منها في مدينة رفح، وتحيط بها سواتر رملية وسياج شبكي، ويُشرف على تأمينها مقاولو أمن خاصون.
لكن هذه المراكز تقع بالقرب من مناطق التماس العسكري مع القوات الإسرائيلية، ما يُعرض المدنيين لخطر دائم، بحسب منظمات الإغاثة.
وترفض الأمم المتحدة المشاركة في هذه المراكز، مؤكدة أنها تُستخدم كوسيلة لـ”التهجير القسري” عبر إجبار السكان على التنقل باتجاه مناطق التوزيع الخطيرة، أو مواجهة شبح المجاعة.
نتنياهو يعلق… وقلق دولي متزايد
علّق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الحادث بقوله إن ما حدث كان “فقدانًا للسيطرة للحظات”، مجددًا دعوته إلى نقل السكان إلى ما وصفه بـ”منطقة معقمة” في جنوب القطاع، والترويج لفكرة “الهجرة الطوعية” للفلسطينيين إلى الخارج، وهي تصريحات لاقت تنديدًا واسعًا محليًا ودوليًا، واعتُبرت تلميحًا لخطط تهجير قسري.
ختام: مستقبل غزة في مهب الريح
تستمر الأوضاع في غزة بالتدهور، مع ازدياد عدد الضحايا المدنيين وتراجع الخدمات الأساسية، فيما تبقى الجهود الدولية محدودة ومرهونة بالمواقف السياسية.
ويبقى السؤال الأبرز: هل تنجح المبادرات الإنسانية في كسر الحصار، أم أن القطاع سيغرق أكثر في نفق المعاناة؟