سياسة دولية

ضربات إسرائيلية تشل البرنامج النووي الإيراني: 14 عالمًا قتيلًا وأضرار جسيمة في منشآت التخصيب

في فجر يوم الجمعة الماضي، شهدت إيران تصعيدًا عسكريًا هو الأشد منذ سنوات، حيث شنت القوات الجوية الإسرائيلية سلسلة من الضربات المنسقة استهدفت منشآت نووية حيوية، في تطور ميداني يعكس تفاقم التوتر حول برنامج طهران النووي وبلوغه مستويات غير مسبوقة من القلق الدولي.

ووفق تقارير أولية وتحليلات وكالة الطاقة الذرية وصور الأقمار الصناعية، فإن هذه الضربات قد ألقت بظلال قاتمة على مستقبل البرنامج النووي الإيراني، وأثارت تساؤلات بشأن التداعيات الإقليمية والدولية المحتملة.


نطنز.. قلب البرنامج يتلقى الضربة الأشد

منشأة نطنز لتخصيب الوقود، التي تقع تحت الأرض وتضم أكثر من 13,500 جهاز طرد مركزي، كانت الهدف الرئيسي للهجوم. وقد أكّد رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن البنية التحتية الكهربائية هناك دُمّرت بالكامل، ما يشير إلى احتمالية تضرر الأجهزة أو توقفها عن العمل، في ضربة وصفت بأنها الأكبر منذ بداية التصعيد النووي.

كما دُمرت بشكل كامل منشأة نطنز التجريبية، وهي مخصصة للبحث والتطوير وتخصيب اليورانيوم بنسبة 60% باستخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، ما يشكل خسارة فنية وتقنية بالغة لطهران.


فوردو وأصفهان.. استهداف ممنهج لمفاصل التخصيب

على الرغم من أن منشأة فوردو الواقعة داخل جبل لم تتعرض لأضرار واضحة، إلا أنها بقيت تحت المراقبة الدولية، مع الإشارة إلى أنها تنتج حاليًا الجزء الأكبر من اليورانيوم المخصب بنسبة عالية.

أما في أصفهان، فقد استهدفت الغارات منشآت حساسة منها وحدة تحويل اليورانيوم ومنشآت عمل معدن اليورانيوم، وهي خطوات أساسية في تصنيع قلب السلاح النووي، ما يعكس تركيز الهجوم على الشق العسكري المحتمل من البرنامج الإيراني.


خسائر بشرية: اغتيال 14 عالمًا نوويًا

مصادر أمنية وتقارير عسكرية أشارت إلى أن إسرائيل اغتالت 14 عالمًا نوويًا إيرانيًا خلال هذه الضربات، بعضهم عبر تفجيرات موجهة. واعتبر الجيش الإسرائيلي أن هؤلاء العلماء لعبوا “دورًا محوريًا في تسريع البرنامج النووي”، وأن استهدافهم “يقوّض التقدم المعرفي غير القابل للاسترجاع”.


مخزون إيران النووي: خطر قائم رغم الضربات

رغم الخسائر، تمتلك إيران كميات كبيرة من اليورانيوم المخصب. وبحسب تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن مخزون اليورانيوم بنسبة 60% يكفي لصناعة تسع قنابل نووية، مع وجود كميات إضافية عند مستويات تخصيب أقل يمكن تطويرها لاحقًا.

ومع أن جزءًا كبيرًا من هذا المخزون مُخزن في منشآت تحت الأرض مثل أصفهان، إلا أن الضربات لم تصل إليه، مما يُبقي الباب مفتوحًا أمام استئناف الأنشطة لاحقًا، إذا لم تحدث تسوية سياسية أو ردع دولي فعال.


تصعيد قد يغيّر قواعد اللعبة الدولية

ألمح نائب وزير الخارجية الإيراني، كاظم غريب آبادي، إلى احتمال أن تُراجع بلاده تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بل وربما تنسحب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، مما يعيد إلى الأذهان سيناريو كوريا الشمالية، ويزيد من تعقيد المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط.

ويجري البرلمان الإيراني مناقشات لسنّ قانون جديد قد يسمح بهذا الانسحاب، في وقت تحذر فيه القوى الغربية من أن الوضع بات على حافة الانفجار، خصوصًا مع التهديدات المتبادلة والتلويح بعمل عسكري أوسع.


هل المنطقة مقبلة على حرب شاملة؟

مع هذه التطورات، يبرز السؤال: هل سترد إيران عسكريًا؟ وهل ستشهد المنطقة جولة جديدة من المواجهات المباشرة بين إسرائيل وإيران؟ أم أن هذه الضربات ستمثل نقطة انعطاف تدفع المجتمع الدولي إلى استئناف الجهود الدبلوماسية لكبح البرنامج النووي الإيراني؟

المرحلة المقبلة ستكون حاسمة، ليس فقط لإيران، بل لاستقرار الشرق الأوسط والعلاقات بين القوى العالمية والإقليمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى