“نبتة خديجة كورو” تنقذ الجوعى في السودان: مجاعة تلوح في الأفق وسط صراع لا يرحم

السودان على حافة المجاعة: حرب وصراع يحاصران المدنيين
منذ اندلاع القتال العنيف بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، يعيش السودان واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في تاريخه الحديث، حيث تتكشف ملامح مأساة مجاعة خانقة تهدد أكثر من 24.6 مليون إنسان.
ففي بلد كان يُعرف يوماً بـ”سلة غذاء العالم”، يجد الملايين أنفسهم اليوم في مواجهة الموت جوعاً، ويضطرون إلى التعايش مع الجوع عبر حلول يائسة، كتناول الأعشاب البرية.
“خديجة كورو”: نبتة الحياة في زمن المجاعة
وسط هذه المعاناة، برزت نبتة “خديجة كورو” كنقطة ضوء وسط الظلام. يروي “أ.ح”، مدرس متقاعد من مدينة الأبيض، كيف أصبحت هذه النبتة هي وسيلتهم الوحيدة للبقاء على قيد الحياة. غلو الأعشاب في الماء مع قليل من الملح بات وجبة يومية للكثير من الأسر.
يقول “أ.ح” في قصيدة كتبها تحت وطأة الجوع: “بلسم انتشر عبر مساحات الخوف”، في وصف دقيق لمدى اليأس الذي يشعر به السكان.
مناطق منكوبة: كردفان، دارفور، والفاشر على حافة الانهيار
تتفاقم المأساة في مناطق مثل كردفان، دارفور، وجبال النوبة، حيث يعاني السكان من نقص حاد في المواد الغذائية، وتقييد شديد على وصول المساعدات.
توضح ماتيلد فو، عاملة الإغاثة بالمجلس النرويجي للاجئين، أن الوصول إلى الفاشر ومخيم زمزم بات شبه مستحيل. وتصف الوضع في شمال دارفور بأنه بلغ مرحلة “يمتص فيها الناس الفحم لتخفيف الشعور بالجوع”.
دعوات دولية عاجلة وهدن مؤقتة محفوفة بالغموض
مع تفاقم الكارثة، طالب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بوقف إطلاق نار لمدة أسبوع في مدينة الفاشر للسماح بوصول المساعدات. رغم موافقة الجيش، فإن موقف قوات الدعم السريع ما زال غامضاً، ما يضع ملايين الأرواح في مهب الريح.
ورغم نفي وزير الزراعة السوداني وجود مجاعة، فإن التقارير الدولية تشير إلى أن المجاعة تضرب فعلياً أجزاء واسعة من البلاد، خاصة في الجزيرة ودارفور والخرطوم.
أزمة مركبة: جوع، عنف، وقيود على التنقل
المدنيون في السودان لا يعانون فقط من نقص الغذاء، بل من الحصار أيضاً. فقد أصبح التنقل محفوفاً بالمخاطر بسبب حواجز قوات الدعم السريع، مما يمنع آلاف الأسر من الوصول إلى الغذاء أو الرعاية الصحية.
يقول “أ.ح” إنه لم يعد قادراً على السفر إلى الأبيض لرؤية عائلته أو استلام معاشه التقاعدي، ويضطر للعمل في وظائف مؤقتة لا تكفي لإطعام أسرته.
مخيم زمزم: مشهد إنساني مفجع
في مخيم زمزم، جنوب الفاشر، تظهر ملامح واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية، حيث يموت الناس جوعاً، وتنهار البنية الصحية، وترتفع أسعار الغذاء بشكل جنوني. ويصف أحد عمال الإغاثة السابقين الوضع قائلاً: “كأن الناس في انتظار حكم الإعدام.”
هل يتحرك العالم لإنقاذ السودان؟
وسط هذا الواقع القاتم، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن للمجتمع الدولي أن يتحرك بجدية لوقف النزاع، وتسهيل وصول المساعدات، وإنقاذ الملايين قبل فوات الأوان؟ أم أن الصمت سيبقى سيد الموقف في واحدة من أعقد المآسي الإنسانية في العالم اليوم؟