لغز جديد يكشفه العلم: الخلايا السليمة هي سبب تلف القلب بعد النوبات القلبية

في اكتشاف علمي يتحدى المفاهيم الطبية التقليدية، توصل فريق بحثي من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو إلى أن الخلايا القلبية السليمة – وليس الميتة – قد تكون السبب الأساسي وراء تلف القلب التالي للنوبات القلبية، وهو ما يعيد تشكيل فهم الأطباء لكيفية تطور فشل القلب.

المنطقة الحدودية: البقعة التي لم يتوقعها أحد

تركزت الدراسة، التي نشرتها مجلة Nature، على ما يُعرف بـ”المنطقة الحدودية” المحيطة بالجزء المتضرر من القلب بعد النوبة. وفي هذا الجزء الذي بدا سليمًا من الناحية الشكلية، تتعرض الخلايا العضلية القلبية (cardiomyocytes) لضغط ميكانيكي مفرط يؤدي إلى تمزق الأغشية النووية، ما يفتح المجال لتسرب الحمض النووي من النواة إلى السيتوبلازم، محفزًا استجابة التهابية عنيفة عبر مسارات الإنترفيرون من النوع الأول.

العدو الخفي: الخلايا الحيّة تحت الضغط

بخلاف الاعتقاد السائد الذي اعتبر أن الالتهاب ينشأ في مركز الإصابة حيث تموت الخلايا، كشفت الدراسة أن مركز الالتهاب الحقيقي هو الخلايا الحيّة المتضررة ميكانيكيًا. وهذا الاكتشاف فسر لماذا فشلت الأدوية المضادة للالتهاب التقليدية في حماية القلب من التلف بعد النوبة، حيث كان التركيز منصبًا على الخلايا المناعية، في حين أن الجاني الحقيقي كان مختبئًا داخل خلايا القلب نفسها.

تكنولوجيا متقدمة لحل لغز القلب

تمكنت الدراسة من التوصل إلى هذا الكشف غير المسبوق باستخدام تقنيات حديثة مثل تسلسل الحمض النووي الريبوزي أحادي الخلية (single-cell RNA sequencing) والتحليل المكاني للتعبير الجيني، ما أتاح لأول مرة دراسة هذه المنطقة الدقيقة والمعقدة من عضلة القلب.

علاجات جديدة في الأفق

يشير الباحث الرئيسي الدكتور كيفن كينغ إلى أن هذا الفهم الجديد يفتح المجال أمام طرق علاجية جديدة، يمكن أن تشمل:

• تخفيف الضغوط الميكانيكية على الخلايا الحدودية.
• منع تسرب الحمض النووي من النواة.
• اعتراض إشارات الإنترفيرون قبل أن تسبب أضرارًا أكبر.

فرصة جديدة لإنقاذ الأرواح

يُعد هذا الاكتشاف قفزة نوعية في طب القلب، وقد يُسهم في تطوير علاجات جديدة أكثر فعالية لمنع فشل القلب المزمن بعد النوبات القلبية، وهو ما يمثل بارقة أمل لملايين المرضى حول العالم.