كوريا الشمالية تعترف بسقوط جنودها في حرب أوكرانيا لأول مرة

في خطوة غير مسبوقة وذات دلالات سياسية وعسكرية عميقة، أعلن زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون رسميًا عن سقوط جنود كوريين شماليين في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، في اعتراف نادر من النظام المغلق، يكشف حجم التورط العسكري لبيونغ يانغ في الصراع الخارجي.
جاء ذلك خلال حفل مؤثر أقيم في مسرح شرق بيونغ يانغ الكبير، احتفاءً بالذكرى السنوية الأولى لمعاهدة الدفاع المشترك بين كوريا الشمالية وروسيا، حيث ظهر كيم وهو يضع يديه على توابيت ملفوفة بعلم بلاده، في مشهد لم يسبق للكوريين الشماليين مشاهدته علنًا.
لقطات غير معتادة ورسائل دامية من ساحة المعركة
عرضت شاشات ضخمة خلال الحفل صورًا توثق لحظات تأمل الزعيم في ستة توابيت لجنود قتلوا في المعارك، ولقطات أخرى لجنود من روسيا وكوريا الشمالية وهم يلوحون بالأعلام الوطنية، في مشهد يعكس التحالف العسكري المتنامي بين البلدين.
وكانت من أبرز المشاهد صفحات دفتر ملطخة بالدماء، قيل إنها تعود لجندي كوري شمالي، عُثر عليه في منطقة كورسك الروسية، حاملة رسائل معنوية مثل: “دعونا نخوض هذه المعركة بشجاعة بالحب والثقة اللذين منحهما لنا قائدنا الأعلى”.
من الإنكار إلى التمجيد.. كيف يبرر النظام مشاركته في الحرب؟
بعد شهور من الإنكار، يبدو أن بيونغ يانغ بدأت في تغيير روايتها الرسمية، إذ يسعى النظام إلى تصوير المشاركة في الحرب على أنها “تضحيات بطولية”، حيث أكد الباحث هونغ مين أن “كوريا الشمالية تحاول تأطير القتلى كسفراء للنصر، لا كضحايا”.
الحدث حضره كبار مسؤولي الدولة، بمن فيهم شقيقة كيم المؤثرة كيم يو-جونغ ووزيرة الخارجية، وسط عرض فني مشترك مع روسيا، ليكون ذلك أول ظهور علني لصور جنود كوريين شماليين أرسلوا إلى جبهات القتال.
600 قتيل و15 ألف مقاتل.. حجم المشاركة يتضح
تشير تقارير استخباراتية إلى أن بيونغ يانغ أرسلت ما يقارب 15 ألف جندي منذ خريف 2024، تكبدوا 4700 إصابة بينهم نحو 600 قتيل، مع توقعات بزيادة عدد الجنود في الأشهر القادمة. وتفيد المعلومات أن الدعم العسكري لموسكو شمل ذخائر، صواريخ، ومدفعية، مقابل الحصول على تكنولوجيا فضائية ومساعدات اقتصادية من الكرملين.
تداعيات دولية محتملة.. ورسائل موجهة للغرب
يثير هذا الاعتراف الرسمي تساؤلات حول مستقبل العلاقات الدولية لبيونغ يانغ، خاصة مع الغرب الذي يفرض عقوبات مشددة على البلدين. كما يُعد دليلاً دامغًا على تعميق التحالف العسكري بين كوريا الشمالية وروسيا، في وقت تعيش فيه الساحة الدولية حالة من الاستقطاب.
ويرى مراقبون أن هذا التحرك العلني قد يُستخدم كورقة تفاوضية في المحادثات الدولية، أو ربما كسابقة تفتح الباب أمام تحالفات عسكرية أكثر جرأة من أنظمة مغلقة، في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية العالمية.